المواضيع الأخيرة
بحـث
تــفــســيــر ســورة الــبــقــره ... جزء 9
صفحة 1 من اصل 1
تــفــســيــر ســورة الــبــقــره ... جزء 9
نِعَمُ الله العشر على بني إسرائيل
[b]
[b]
[b]{وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ
فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ
وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ
عَظِيمٌ(49)وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ
فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ(50)وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ
لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ
ظَالِمُونَ(51)ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ(52) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ
تَهْتَدُونَ(53)وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ
أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا
أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ
هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(54)**
[b]
[b][b]
[b]
[b]المنَاسَبَة:
[b][b]
[b]
[b]لَمَّا قدّم تعالى ذكر نعمه على بني
إِسرائيل إِجمالاً، بيَّن بعد ذلك أقسام تلك النعم على سبيل التفصيل، ليكون أبلغ في
التذكير وأدعى إِلى الشكر، فكأنه قال: اذكروا نعمتي، واذكروا إِذ نجيناكم من آل
فرعون، واذكروا إِذ فرقنا بكم البحر... إِلى آخره وكل هذه النعم تستدعي شكر المنعم
جل وعلا لا كفرانه وعصيانه.
[b][b]
[b]
[b]{وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ** أي اذكروا يا
بني إسرائيل نعمتي عليكم حين نجيت آباءكم {مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ** أي من بطش فرعون
وأشياعه العتاة، والخطاب للأبناء المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم إِذ أنّ
النعمة على الآباء نعمة على الأبناء {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ** أي يولونكم
ويذيقونكم أشد العذاب وأفظعه. والسوء هو المشتمل على ألوان شتى من العذاب كالجلد
والأعمال الشاقة ونحوها.
[b][b]
[b]
[b]
[b]{يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ** أي
يذبحون الذكور من الأولاد {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ** أي يستبقون الإِناث على
قيد الحياة للخدمة {وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ** أي فيما ذكر من
العذاب المهين من الذبح والاستحياء، محنة واختبارٌ عظيم لكم من الله تعالى بتسليطهم
عليكم ليتميز البرُّ من الفاجر.
[b][b]
[b]
[b]
[b]قوله تعالى {وَإِذْ
نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ** ورد في موضع آخر بـ {وإذ أنجيناكم من آل
فرعون…**، وهناك فرق كبير بين كلمة "نَجَّى" وكلمة "أَنْجى"، فكلمة نَجّى تكون وقت
نزول العذاب، وكلمة أَنْجى تمنع عنهم العذاب، الأولى للتخليص من العذاب والثانية
لإبعاده نهائياً ففضل الله عليهم كان على مرحلتين: الأولى أنه خلّصهم من عذاب واقع
عليهم، والثانية أبعدهم عن آل فرعون فخلّصهم منه
نهائياً.
[b][b]
[b]
[b]
[b]{وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ** أي اذكروا أيضاً
إِذ فلقنا لكم البحر حتى ظهرت لكم الأرض اليابسة فمشيتم عليها {فَأَنْجَيْنَاكُمْ
وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ** أي نجيناكم من الغرق وأغرقنا فرعون وقومه، وذلك أن
موسى عليه السلام عندما رأى فرعون وجيشه يتّجهون إلى البحر ليعبروه أراد أن يضرب
البحر ليعود إلى السيولة، فلا يلحق بهم آل فرعون، أوحى الله تعالى إليه: {وَاتْرُكْ
الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُغْرَقُونَ** أي اتركه كما هو حتى يتبعكم فرعون
وجيشه ليهلكوا {وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ** أي وأنتم تشاهدون ذلك فقد كان آية باهرة من
آيات الله في إِنجاء أوليائه وإِهلاك أعدائه.
[b][b]
[b]
[b]والله تعالى أراد أن
يرى بنو إسرائيل آل فرعون وهم يغرقون ليذهب غيض قلوبهم على أعدائهم، وتحتمل معنى
آخر وهو أن ينظر بعضكم إلى بعض وأنتم غير مصدقين أنكم نجوتم من هذا البلاء وفي نفس
الوقت تطمئنون إلى أن عدوكم لن يطاردكم مرة أخرى لأنكم رأيتم مصرعه بأُمّ
أعينكم.
[b][b]وفرعون: لقب لكل مَنْ ملك مصر قبل البطالسة، مثل قيصر لملك الروم،
وكسرى لملك الفرس، وتُبّع لملك اليمن، والنجاشي لملك الحبشة.
[b][b]{وَإِذْ
وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً** أي وعدنا موسى أن نعطيه التوراة بعد
أربعين ليلة وكان ذلك بعد نجاتكم وإِهلاك فرعون {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ** أي
عبدتم العجل {مِنْ بَعْدِهِ** أي بعد غيبته عنكم حين ذهب لميقات ربه {وَأَنْتُمْ
ظَالِمُونَ** أي معتدون في تلك العبادة ظالمون لأنفسكم.
[b][b]
[b]
[b]أصل هذا
الذهب الذي صنع لهم السامريُّ منه عجلاً من الحليّ التي أخذوها خِلسة من نساء آل
فرعون أثناء خدمتهم لهن، ولذا فتنهم الله بالمال الحرام، لأن المال الحرام لا يأتي
منه خير، بل ينقلب على صاحبه شراً ووبالاً، فلا بد من أخذ العبرة مما حصل لهم، وصدق
رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "إن الله طَيّب ولا يقبل إلا طيّباً" [رواه
مسلم].
{ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ** أي تجاوزنا عن تلك الجريمة الشنيعة {مِنْ
بَعْدِ ذَلِكَ** أي من بعد ذلك الاتخاذ المتناهي في القبح {لَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ** أي لكي تشكروا نعمة الله عليكم وتستمروا بعد ذلك على
الطاعة.
[b][b]
[b]
[b]
[b]{وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ**
أي واذكروا نعمتي أيضاً حين أعطيت موسى التوراة الفارقة بين الحق والباطل وأيدته
بالمعجزات {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ** أي لكي تهتدوا بالتدبر فيها والعمل بما فيها
من أحكام.
[b][b]
[b]
[b]والكتاب: هو التوراة. وأمّا الفرقان: فقد اختلفوا في
تفسيره، فقيل هو مرادف للكتاب من باب التأكيد، وقيل هي الأشياء التي يُفَرق الله
بها بين الحق والباطل ولقد عَلَّمها الحق تعالى لموسى عليه السلام، وتطلق هذه
الكلمة على كل ما يُفَرق بين الحق والباطل ولذلك سمى الله يوم بدر بقوله: {وَمَا
أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى
الْجَمْعَانِ**.
[b][b]
[b]
[b]ثم بَيَّنَ تعالى كيفية وقوع العفو المذكور بقوله:
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ** أي
واذكروا حين قال موسى لقومه بعدما رجع من الموعد الذي وعده ربه فرآهم قد عبدوا
العجل يا قوم لقد ظلمتم أنفسكم {بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ** أي بعبادتكم للعجل
{فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ** أي توبوا إِلى من خلقكم بريئاً من العيب والنقصان
{فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ** أي ليقتل البريء منكم المجرم {ذَلِكُمْ** أي القتل
{خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ** أي رضاكم بحكم الله ونزولكم عند أمره خير لكم
عند الخالق العظيم {فَتَابَ عَلَيْكُمْ** أي قبل توبتكم {إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ
الرَّحِيمُ** أي عظيم المغفرة واسع التوبة.
[b][b]
[b]
[b]
[b]
[b]وقوله تعالى:
{فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ** جزاء لها على عبادة غير الله، فكان تكفير الذنب أن ترد
هذه النفس إلى بارئها بالقتل، وقد أوقفهم موسى عليه السلام صفوفاً وأمر الذين لم
يعبدوا العجل بقتل الذين عبدوا العجل وعندما قتل منهم قرابة سبعين ألفاً استصرخ
موسى وهارون ربهما وقالا: "البكية البكية، أي: أبكوا عسى أن يعفوا الله عنهم،
ووقفوا يبكون أمام حائط المبكى فرحمهم الله.
[b][b]
[b]
[b]ما يستخلص من الآيات
[49-54]:
[b][b]1
[b][b]- لكل ظالم متكبر نهاية وخيمة، ففرعون كان هلاكه
بالإغراق، وقارون بالخسف وغيرها بشتى أنواع البلاء الذي ذكره القرآن {وَكَذَلِكَ
نَجْزِي الظَّالِمِينَ** الذين جاؤوا من بعدهم إلى يوم القيامة.
[b][b]ولكل مستضعف
مظلوم فرج قريب ونصر محقق طال الزمن أو قصر، كما جاء في الحديث القدسي: "وعزتي
وجلال لأنصرنك ولو بعد حين".
[b][b]2- نصرة المظلوم على عدوه نعمة إلهية تستوجب
الشكر، ولذا اتخذ بنو إسرائيل يوم عاشوراء الذي أنجاه الله فيه من الغرق عيداً
يتقربون فيه إلى الله بالصيام، وعندما قدم رسول الله صلى اللهعليه وسلم المدينة
ووجدهم على ذلك، قال لهم: ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى
الله فيه موسى وقومه وغرّق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً فنحن نصومه، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم فنحن أحق وأولى بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه
وسلم وأمر أصحابه بصيامه [رواه مسلم]. وقال الترمذي: وروي عن ابن عباس أنه قال:
"صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود"، واحتج بهذا الحديث الشافعي وأحمد
وإسحاق.
[b][b]والشكر هو: الاجتهاد في بذل الطاعة مع الاجتناب للمعصية في السر
والعلانية، كما قال سهل بن عبيد الله.
[b][b]3- المبادرة إلى التوبة هي السبيل إلى
التخلص من المعصية، والله جل جلاله {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ
الْعِقَابِ** [غافر: 3]، بل إنه تعالى يغفر جميع الذنوب {قُلْ يَا عِبَادِي
الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا** [الزمر: 53].
[b][b]
[b]
[b]4-
الصبر هو مفتاح الفرج، قال القشيري: من صبر في الله على قضاء الله عوضه الله صحبة
أوليائه، هؤلاء بنو إسرائيل صبروا على مقاساة الضر من فرعون وقومه فجعل منهم أنبياء
وجعل منهم ملوكاً وآتاهم ما لم يؤت أحداً من العالمين [البحر المحيط
1/194].
[b][b]إلا أن الصبر لا يعني أبداً الرضا بالضيح، فالمسلم لا يعرف الذل
والخنوع، بل عليه أن يقاوم الظلم والاستبداد بالوسائل التي شرعها الله له {إِنَّ
اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا
بِأَنفُسِهِمْ**.
[b][b]
[b]
[b]5- إن الله تعالى ذكر لنا في هذه الآيات طريقة
تخلص بني إسرائيل من أوزارهم بالقتل ليظهر عظيم فضله على هذه الأمة المحمدية حيث
إنه تعالى خَفَّف عنها ووضع عنها الأغلال التي كانت على الأمم السابقة، قال تعالى
في وصف نبيه عليه الصلاة والسلام: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ
الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ** [الأعراف: 157] استجابة لدعاء عباده الذي علمهم إياه
في سورة البقرة {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا** [البقرة: 286].
[b][b]
[b]فمن ارتكب من أمة محمد صلى
الله عليه وسلم وِزْراً لا يتعلق بحقوق الآخرين أجزأته التوبة النصوح بينه وبين
الله تعالى.[/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b]
[b][b][b][b][b][b][b][b][b][b][b][b][b][b][b][b][b][b][b][b][b][b][b][b][b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][b]
[b]
[b]{وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ
فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ
وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ
عَظِيمٌ(49)وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ
فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ(50)وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ
لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ
ظَالِمُونَ(51)ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ(52) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ
تَهْتَدُونَ(53)وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ
أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا
أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ
هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(54)**
[b]
[b][b]
[b]
[b]المنَاسَبَة:
[b][b]
[b]
[b]لَمَّا قدّم تعالى ذكر نعمه على بني
إِسرائيل إِجمالاً، بيَّن بعد ذلك أقسام تلك النعم على سبيل التفصيل، ليكون أبلغ في
التذكير وأدعى إِلى الشكر، فكأنه قال: اذكروا نعمتي، واذكروا إِذ نجيناكم من آل
فرعون، واذكروا إِذ فرقنا بكم البحر... إِلى آخره وكل هذه النعم تستدعي شكر المنعم
جل وعلا لا كفرانه وعصيانه.
[b][b]
[b]
[b]{وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ** أي اذكروا يا
بني إسرائيل نعمتي عليكم حين نجيت آباءكم {مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ** أي من بطش فرعون
وأشياعه العتاة، والخطاب للأبناء المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم إِذ أنّ
النعمة على الآباء نعمة على الأبناء {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ** أي يولونكم
ويذيقونكم أشد العذاب وأفظعه. والسوء هو المشتمل على ألوان شتى من العذاب كالجلد
والأعمال الشاقة ونحوها.
[b][b]
[b]
[b]
[b]{يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ** أي
يذبحون الذكور من الأولاد {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ** أي يستبقون الإِناث على
قيد الحياة للخدمة {وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ** أي فيما ذكر من
العذاب المهين من الذبح والاستحياء، محنة واختبارٌ عظيم لكم من الله تعالى بتسليطهم
عليكم ليتميز البرُّ من الفاجر.
[b][b]
[b]
[b]
[b]قوله تعالى {وَإِذْ
نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ** ورد في موضع آخر بـ {وإذ أنجيناكم من آل
فرعون…**، وهناك فرق كبير بين كلمة "نَجَّى" وكلمة "أَنْجى"، فكلمة نَجّى تكون وقت
نزول العذاب، وكلمة أَنْجى تمنع عنهم العذاب، الأولى للتخليص من العذاب والثانية
لإبعاده نهائياً ففضل الله عليهم كان على مرحلتين: الأولى أنه خلّصهم من عذاب واقع
عليهم، والثانية أبعدهم عن آل فرعون فخلّصهم منه
نهائياً.
[b][b]
[b]
[b]
[b]{وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ** أي اذكروا أيضاً
إِذ فلقنا لكم البحر حتى ظهرت لكم الأرض اليابسة فمشيتم عليها {فَأَنْجَيْنَاكُمْ
وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ** أي نجيناكم من الغرق وأغرقنا فرعون وقومه، وذلك أن
موسى عليه السلام عندما رأى فرعون وجيشه يتّجهون إلى البحر ليعبروه أراد أن يضرب
البحر ليعود إلى السيولة، فلا يلحق بهم آل فرعون، أوحى الله تعالى إليه: {وَاتْرُكْ
الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُغْرَقُونَ** أي اتركه كما هو حتى يتبعكم فرعون
وجيشه ليهلكوا {وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ** أي وأنتم تشاهدون ذلك فقد كان آية باهرة من
آيات الله في إِنجاء أوليائه وإِهلاك أعدائه.
[b][b]
[b]
[b]والله تعالى أراد أن
يرى بنو إسرائيل آل فرعون وهم يغرقون ليذهب غيض قلوبهم على أعدائهم، وتحتمل معنى
آخر وهو أن ينظر بعضكم إلى بعض وأنتم غير مصدقين أنكم نجوتم من هذا البلاء وفي نفس
الوقت تطمئنون إلى أن عدوكم لن يطاردكم مرة أخرى لأنكم رأيتم مصرعه بأُمّ
أعينكم.
[b][b]وفرعون: لقب لكل مَنْ ملك مصر قبل البطالسة، مثل قيصر لملك الروم،
وكسرى لملك الفرس، وتُبّع لملك اليمن، والنجاشي لملك الحبشة.
[b][b]{وَإِذْ
وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً** أي وعدنا موسى أن نعطيه التوراة بعد
أربعين ليلة وكان ذلك بعد نجاتكم وإِهلاك فرعون {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ** أي
عبدتم العجل {مِنْ بَعْدِهِ** أي بعد غيبته عنكم حين ذهب لميقات ربه {وَأَنْتُمْ
ظَالِمُونَ** أي معتدون في تلك العبادة ظالمون لأنفسكم.
[b][b]
[b]
[b]أصل هذا
الذهب الذي صنع لهم السامريُّ منه عجلاً من الحليّ التي أخذوها خِلسة من نساء آل
فرعون أثناء خدمتهم لهن، ولذا فتنهم الله بالمال الحرام، لأن المال الحرام لا يأتي
منه خير، بل ينقلب على صاحبه شراً ووبالاً، فلا بد من أخذ العبرة مما حصل لهم، وصدق
رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "إن الله طَيّب ولا يقبل إلا طيّباً" [رواه
مسلم].
{ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ** أي تجاوزنا عن تلك الجريمة الشنيعة {مِنْ
بَعْدِ ذَلِكَ** أي من بعد ذلك الاتخاذ المتناهي في القبح {لَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ** أي لكي تشكروا نعمة الله عليكم وتستمروا بعد ذلك على
الطاعة.
[b][b]
[b]
[b]
[b]{وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ**
أي واذكروا نعمتي أيضاً حين أعطيت موسى التوراة الفارقة بين الحق والباطل وأيدته
بالمعجزات {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ** أي لكي تهتدوا بالتدبر فيها والعمل بما فيها
من أحكام.
[b][b]
[b]
[b]والكتاب: هو التوراة. وأمّا الفرقان: فقد اختلفوا في
تفسيره، فقيل هو مرادف للكتاب من باب التأكيد، وقيل هي الأشياء التي يُفَرق الله
بها بين الحق والباطل ولقد عَلَّمها الحق تعالى لموسى عليه السلام، وتطلق هذه
الكلمة على كل ما يُفَرق بين الحق والباطل ولذلك سمى الله يوم بدر بقوله: {وَمَا
أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى
الْجَمْعَانِ**.
[b][b]
[b]
[b]ثم بَيَّنَ تعالى كيفية وقوع العفو المذكور بقوله:
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ** أي
واذكروا حين قال موسى لقومه بعدما رجع من الموعد الذي وعده ربه فرآهم قد عبدوا
العجل يا قوم لقد ظلمتم أنفسكم {بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ** أي بعبادتكم للعجل
{فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ** أي توبوا إِلى من خلقكم بريئاً من العيب والنقصان
{فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ** أي ليقتل البريء منكم المجرم {ذَلِكُمْ** أي القتل
{خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ** أي رضاكم بحكم الله ونزولكم عند أمره خير لكم
عند الخالق العظيم {فَتَابَ عَلَيْكُمْ** أي قبل توبتكم {إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ
الرَّحِيمُ** أي عظيم المغفرة واسع التوبة.
[b][b]
[b]
[b]
[b]
[b]وقوله تعالى:
{فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ** جزاء لها على عبادة غير الله، فكان تكفير الذنب أن ترد
هذه النفس إلى بارئها بالقتل، وقد أوقفهم موسى عليه السلام صفوفاً وأمر الذين لم
يعبدوا العجل بقتل الذين عبدوا العجل وعندما قتل منهم قرابة سبعين ألفاً استصرخ
موسى وهارون ربهما وقالا: "البكية البكية، أي: أبكوا عسى أن يعفوا الله عنهم،
ووقفوا يبكون أمام حائط المبكى فرحمهم الله.
[b][b]
[b]
[b]ما يستخلص من الآيات
[49-54]:
[b][b]1
[b][b]- لكل ظالم متكبر نهاية وخيمة، ففرعون كان هلاكه
بالإغراق، وقارون بالخسف وغيرها بشتى أنواع البلاء الذي ذكره القرآن {وَكَذَلِكَ
نَجْزِي الظَّالِمِينَ** الذين جاؤوا من بعدهم إلى يوم القيامة.
[b][b]ولكل مستضعف
مظلوم فرج قريب ونصر محقق طال الزمن أو قصر، كما جاء في الحديث القدسي: "وعزتي
وجلال لأنصرنك ولو بعد حين".
[b][b]2- نصرة المظلوم على عدوه نعمة إلهية تستوجب
الشكر، ولذا اتخذ بنو إسرائيل يوم عاشوراء الذي أنجاه الله فيه من الغرق عيداً
يتقربون فيه إلى الله بالصيام، وعندما قدم رسول الله صلى اللهعليه وسلم المدينة
ووجدهم على ذلك، قال لهم: ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى
الله فيه موسى وقومه وغرّق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً فنحن نصومه، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم فنحن أحق وأولى بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه
وسلم وأمر أصحابه بصيامه [رواه مسلم]. وقال الترمذي: وروي عن ابن عباس أنه قال:
"صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود"، واحتج بهذا الحديث الشافعي وأحمد
وإسحاق.
[b][b]والشكر هو: الاجتهاد في بذل الطاعة مع الاجتناب للمعصية في السر
والعلانية، كما قال سهل بن عبيد الله.
[b][b]3- المبادرة إلى التوبة هي السبيل إلى
التخلص من المعصية، والله جل جلاله {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ
الْعِقَابِ** [غافر: 3]، بل إنه تعالى يغفر جميع الذنوب {قُلْ يَا عِبَادِي
الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا** [الزمر: 53].
[b][b]
[b]
[b]4-
الصبر هو مفتاح الفرج، قال القشيري: من صبر في الله على قضاء الله عوضه الله صحبة
أوليائه، هؤلاء بنو إسرائيل صبروا على مقاساة الضر من فرعون وقومه فجعل منهم أنبياء
وجعل منهم ملوكاً وآتاهم ما لم يؤت أحداً من العالمين [البحر المحيط
1/194].
[b][b]إلا أن الصبر لا يعني أبداً الرضا بالضيح، فالمسلم لا يعرف الذل
والخنوع، بل عليه أن يقاوم الظلم والاستبداد بالوسائل التي شرعها الله له {إِنَّ
اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا
بِأَنفُسِهِمْ**.
[b][b]
[b]
[b]5- إن الله تعالى ذكر لنا في هذه الآيات طريقة
تخلص بني إسرائيل من أوزارهم بالقتل ليظهر عظيم فضله على هذه الأمة المحمدية حيث
إنه تعالى خَفَّف عنها ووضع عنها الأغلال التي كانت على الأمم السابقة، قال تعالى
في وصف نبيه عليه الصلاة والسلام: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ
الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ** [الأعراف: 157] استجابة لدعاء عباده الذي علمهم إياه
في سورة البقرة {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا** [البقرة: 286].
[b][b]
[b]فمن ارتكب من أمة محمد صلى
الله عليه وسلم وِزْراً لا يتعلق بحقوق الآخرين أجزأته التوبة النصوح بينه وبين
الله تعالى.[/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b][/b]
مواضيع مماثلة
» تــفــســيــر ســورة الــبــقــره ... جزء 6
» تــفــســيــر ســورة الــبــقــره ... جزء 8
» تــفــســيــر ســورة الــبــقــره ... جزء 7
» تــفــســيــر ســورة الــبــقــره ... جزء3
» 1تــفــســيــر ســورة الــبــقــره ... 1
» تــفــســيــر ســورة الــبــقــره ... جزء 8
» تــفــســيــر ســورة الــبــقــره ... جزء 7
» تــفــســيــر ســورة الــبــقــره ... جزء3
» 1تــفــســيــر ســورة الــبــقــره ... 1
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد فبراير 07, 2010 2:10 pm من طرف المليونير
» ليلة الدخله
الأحد فبراير 07, 2010 1:54 pm من طرف المليونير
» شهر العسل
الأحد فبراير 07, 2010 1:51 pm من طرف المليونير
» تمارين للتخلص من الكرش
الأحد فبراير 07, 2010 1:45 pm من طرف المليونير
» الاسعافات الاوليه
الأحد فبراير 07, 2010 1:33 pm من طرف المليونير
» الزوجه الميثاليه
الأحد فبراير 07, 2010 1:25 pm من طرف المليونير
» الجماع بنيه الانجاب
الأحد فبراير 07, 2010 1:23 pm من طرف المليونير
» اطالت عمليه الجماع
الأحد فبراير 07, 2010 1:19 pm من طرف المليونير
» اثارة الروح قبل الشهوه
الأحد فبراير 07, 2010 1:15 pm من طرف المليونير
» عندما تكون المرة اكثر شهوانيه من الرجل
الأحد فبراير 07, 2010 1:12 pm من طرف المليونير
» الموبايل والاطفال
الأحد فبراير 07, 2010 12:25 pm من طرف زائر
» مواعيد الخصوبه للحمل
الأحد فبراير 07, 2010 12:02 pm من طرف زائر
» اعنايه بالشعر
الأحد فبراير 07, 2010 11:44 am من طرف زائر
» طريقه جماع لطيفه
الأحد فبراير 07, 2010 11:20 am من طرف زائر
» شرين وجدو
الخميس فبراير 04, 2010 12:43 pm من طرف Admin
» حصريا ألبوم شيرين 2009 ***حبيت ***
الخميس فبراير 04, 2010 12:37 pm من طرف Admin
» http://www.m-arab.com/vb/showthread.php?t=49868
الخميس فبراير 04, 2010 11:52 am من طرف امسيه حالمه
» ألبوم لطيفة أتحدى 2
الخميس فبراير 04, 2010 11:44 am من طرف امسيه حالمه
» حصريا و بإنفراد تام : ألبوم العرب و الراب : أحسن أغاني راب عربي صدرت في 2009
الخميس فبراير 04, 2010 11:42 am من طرف امسيه حالمه
» كليب وعد عرقوب - للفنانة رائعة شذى حسون
الخميس فبراير 04, 2010 11:39 am من طرف امسيه حالمه
» بلديات حب يعاكس واحدة
الجمعة يناير 22, 2010 7:53 am من طرف اميره عمر
» ستائر حمام رهييييييييييبة0000
الجمعة يناير 22, 2010 1:54 am من طرف Admin
» روعة واناقة ملك الالوان
الجمعة يناير 22, 2010 1:52 am من طرف Admin
» ديكور رخامي
الجمعة يناير 22, 2010 1:51 am من طرف Admin
» بالعوٍن من هوٍ مگاني صار معشوٍقگ [ديكور]
الجمعة يناير 22, 2010 1:50 am من طرف Admin
» ستايل ايطالي رائع,,
الجمعة يناير 22, 2010 1:49 am من طرف Admin
» عتمةالاسود|بأضاءة|الابيض..عالم رائع من التناقض
الجمعة يناير 22, 2010 1:48 am من طرف Admin
» ديكورات حتعجب البنوتات 100 بالمية
الجمعة يناير 22, 2010 1:47 am من طرف Admin
» كوكتيل ايطالى
الجمعة يناير 22, 2010 1:46 am من طرف Admin
» تصاميم السرميك الجزءالثاني........
الجمعة يناير 22, 2010 1:45 am من طرف Admin
» Bed Room'z
الجمعة يناير 22, 2010 1:43 am من طرف Admin
» جولة مع جديد ايكيا NEW collection 2010
الجمعة يناير 22, 2010 1:42 am من طرف Admin
» اكسسوارات بخيوط الصوف
الجمعة يناير 22, 2010 1:41 am من طرف Admin