المواضيع الأخيرة
بحـث
تفسير سوره البقره جزء 4
صفحة 1 من اصل 1
تفسير سوره البقره جزء 4
الأمر بعبادة الله وحده وأدلة التوحيد
{يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ
قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(21)الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا
وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ
الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ
تَعْلَمُونَ(22)**.
يقول تعالى منبهاً العبادَ إِلى
دلائل القدرة والوحدانية {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ** أي يا معشر
بني آدم اذكروا نِعَم الله الجليلة عليكم، واعبدوا الله ربكم الذي ربَّاكم وأنشأكم
بعد أن لم تكونوا شيئاً، اعبدوه بتوحيده، وشكره،
وطاعته.
{الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ** أي
الذي أوجدكم بقدرته من العدم، وخلق مَن قبلكم من الأمم {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ**
أي لتكونوا في زمرة المتقين، الفائزين بالهدى والفلاح، قال البيضاوي: لما عدَّد
تعالى فِرَق المكلفين، أقبل عليهم بالخطاب على سبيل الالتفات، هزاً للسامع،
وتنشيطاً له، واهتماماً بأمر العبادة وتفخيماً لشأنها، وإِنما كثر النداء في القرآن
بـ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ** لاستقلاله بأوجهٍ من التأكيد، وكلُّ ما نادى الله له
عباده من حيث إِنها أمور عظام من حقها أن يتفطنوا لها، ويقبلوا بقلوبهم عليها
وأكثرهم عنها غافلون حقيقٌ بأن يُنادى له بالآكد الأبلغ.
ثمَّ
عدَّد تعالى نِعَمه عليهم فقال {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا** أي
جعلها مهاداً وقراراً، تستقرون عليها وتفترشونها كالبساط المفروش مع كرويتها، وإِلا
ما أمكنكم العيش والاستقرار عليها، قال البيضاوي: جعلها مهيأة لأن يقعدوا ويناموا
عليها كالفراش المبسوط، وذلك لا يستدعي كونها مسطَّحة لأن كروية شكلها مع عظم حجمها
لا يأبى الافتراش عليها.
{وَالسَّمَاءَ بِنَاءً** أي سقفاً
للأرض مرفوعاً فوقها كهيئة القبة {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً** أي مطراً
عذباً فراتاً أنزله بقدرته من السحاب {فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا
لَكُمْ** أي فأخرج بذلك المطر أنواع الثمار والفواكه والخضار غذاءً
لكم.
{فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ
تَعْلَمُونَ** أي فلا تتخذوا معه شركاء من الأصنام والبشر تشركونهم مع الله في
العبادة، وأنتم تعلمون أنها لا تَخْلُق شيئاً ولا تَرْزق، وأنَّ الله هو الخالق
الرازق وحده، ذو القوة المتين، قال ابن كثير: شرع تعالى في بيان وحدانية ألوهيته
بأنه هو المنعم على عبيده بإِخراجهم من العدم، وإِسباغه عليهم النِّعَم، والمرادُ
بالسَّماء هنا السحاب، فهو تعالى الذي أنزل المطر من السحاب في وقته عند احتياجهم
إِليه، فأخرج لهم به أنواع الزروع والثمار رزقاً لهم ولأنعامهم، ومضمونه أنه الخالق
الرازق مالكُ الدار وساكنيها ورازقهم، فبهذا يستحق أن يُعبد وحده ولا يُشرك به
غيره.
المناسبة:
بعد أن صنّف القرآن الناس إلى أقسام
ثلاثة: متقين موحدين، وجاحدين معاندين، ومنافقين مذبذبين، وبعد أن أثبت الوحدانية
والربوبية لله، ونفى الشركاء بالمنطق والبرهان، أثبت الله تعالى أن القرآن كلام
الله، وأنه نزل من عنده، بدليل أنه معجز، لم يتمكن أحد من الجن أو الإنس مجاراته
والإتيان بمثله، مع أن العرب فرسان البلاغة، وأساطين الفصاحة، ولا فخر لهم إلا
بالكلام شعراً ونثراً وخطابة، وبما أنهم عجزوا، ولم يستطيعوا الإتيان بمثل أقصر
سورة من القرآن، فقد ثبت صدق محمد صلى الله عليه وسلم فيما ادعاه من النّبوة، وما
أتى به من الرسالة الإلهية. وكان مُنْكِرُ نبوته ورسالته مستحقاً العقاب والجزاء في
نار جهنم.
إثبات نبوَّة سيدنا محمد صلى الله عليه
وسلم، وإقامة البرهان علىإعجاز القرآن
{وَإِنْ كُنتُمْ
فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ
وَادْعُوا شُهَدَاءكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(23)فَإِنْ لَمْ
تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ
وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ(24)**.
ثم ذكر
تعالى بعد أدلة التوحيد الحجة على النبوة، وأقام البرهان على إِعجاز القرآن فقال
{وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا** أي وإِذا كنتم
أيها الناسُ في شك وارتياب من صدق هذا القرآن، المعجز في بيانه، وتشريعه، ونظمه،
الذي أنزلناه على عبدنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم **فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ
مِثْلِهِ** أي فأتوا بسورةٍ واحدةٍ من مثل هذا القرآن، في البلاغة والفصاحة والبيان
{وَادْعُوا شُهَدَاءكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ** أي وادعوا أعوانكم وأنصاركم الذين
يساعدونكم على معارضة القرآن غير الله سبحانه، والمراد استعينوا بمن شتئم غيره
تعالى، قال البيضاوي: المعنى ادعوا للمعارضة من حضركم أو رجوتم معونته من إِنسكم
وجِنكم وآلهتكم غيرَ اللهِ سُبحانه وتعالى، فإِنه لا يقدر أن يأتي بمثله إِلا الله
{إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ** أي في أنه مختلق وأنه من كلام البشر، وجوابُه محذوف
دلَّ عليه ما قبله.
{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا** أي فإِن لم تقدروا على
الإِتيان بمثل سورةٍ من سوره، وعجزتم في الماضي عن الإِتيان بما يساويه أو يدانيه،
مع استعانتكم بالفصحاء والعباقرة والبلغاء {وَلَنْ تَفْعَلُوا** أي ولن تقدروا في
المستقبل أيضاً على الإِتيان بمثله، والجملةُ اعتراضيةٌ للإِشارة إِلى عجز البشر في
الحاضر والمستقبل كقوله {لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ
ظَهِيرًا** أي معيناً، قال ابن كثير: تحداهم القرآن وهم أفصح الأمم ومع هذا عجزوا،
و{لَنْ** لنفي التأبيد في المستقبل أي ولن تفعلوا ذلك أبداً، وهذه أيضاً معجزة أخرى
وهو أنه أخبر خبراً جازماً قاطعاً، غير خائفٍ ولا مشفق أنَّ هذا القرآن لا يُعارضُ
بمثله أبد الآبدين ودهر الداهرين، وكذلك وقع الأمر لم يُعارض من لدنه إِلى زماننا
هذا، ومن تدبّر القرآن وجد فيه من وجوه الإِعجاز فنوناً ظاهرة وخفية، من حيثُ اللفظ
ومن حيثُ المعنى، والقرآنُ جميعه فصيح في غاية نهايات الفصاحة والبيان عند من يعرف
كلام العرب، ويفهم تصاريف الكلام.
{فَاتَّقُوا النَّارَ** أي
فخافوا عذاب الله، واحذروا نار الجحيم التي جعلها الله جزاء المكذبين {الَّتِي
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ** أي اتقوا النار التي مادتُها التي تُشعل بها
وتُضرم لإِيقادها هي الكفار والأصنام التي عبدوها من دون الله كقوله تعالى
{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ** قال مجاهد:
حجارةٌ من كبريت أنتُن من الجيفة يعذبون بها مع النار {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ**
أي هُيّئت تلك النارُ وأُرصدت للكافرين الجاحدين، ينالون فيها ألوان العذاب
المهين.
والخلاصة: أن التحدي كان متنوعاً، مرة بالنظم
والمعنى، ومرة بالنظم دون المعنى، بافتراء شيء لا معنى له، وفي كل الأحوال ظهر
فشلهم.
وأرشدت الآية: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا...** على
ظهور العجز التام عن المعارضة، وعلى استحقاق الكافرين النار لإنكارهم نبوة النَّبي
صلى الله عليه وسلم، ولعدم تصديقهم بالقرآن، وعلى أن من اتقى النار ترك المعاندة،
وعلى أن النار حالياً مخلوقة مهيأة موجودة معدّة للعصاة والفسّاق
والكفّار.
المناسبة:
يعقد القرآن عادة مقارنات
بين الأشياء المتضادة، فلما ذكر الله جزاء الكافرين والعصاة، أردف ذلك ببيان جزاء
المؤمنين الأتقياء الأطهار، ليظهر الفرق بين الفريقين، وليكون ذلك أدعى للعبرة
والعظة، والامتثال من مقارنة الأحوال.
{يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ
قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(21)الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا
وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ
الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ
تَعْلَمُونَ(22)**.
يقول تعالى منبهاً العبادَ إِلى
دلائل القدرة والوحدانية {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ** أي يا معشر
بني آدم اذكروا نِعَم الله الجليلة عليكم، واعبدوا الله ربكم الذي ربَّاكم وأنشأكم
بعد أن لم تكونوا شيئاً، اعبدوه بتوحيده، وشكره،
وطاعته.
{الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ** أي
الذي أوجدكم بقدرته من العدم، وخلق مَن قبلكم من الأمم {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ**
أي لتكونوا في زمرة المتقين، الفائزين بالهدى والفلاح، قال البيضاوي: لما عدَّد
تعالى فِرَق المكلفين، أقبل عليهم بالخطاب على سبيل الالتفات، هزاً للسامع،
وتنشيطاً له، واهتماماً بأمر العبادة وتفخيماً لشأنها، وإِنما كثر النداء في القرآن
بـ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ** لاستقلاله بأوجهٍ من التأكيد، وكلُّ ما نادى الله له
عباده من حيث إِنها أمور عظام من حقها أن يتفطنوا لها، ويقبلوا بقلوبهم عليها
وأكثرهم عنها غافلون حقيقٌ بأن يُنادى له بالآكد الأبلغ.
ثمَّ
عدَّد تعالى نِعَمه عليهم فقال {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا** أي
جعلها مهاداً وقراراً، تستقرون عليها وتفترشونها كالبساط المفروش مع كرويتها، وإِلا
ما أمكنكم العيش والاستقرار عليها، قال البيضاوي: جعلها مهيأة لأن يقعدوا ويناموا
عليها كالفراش المبسوط، وذلك لا يستدعي كونها مسطَّحة لأن كروية شكلها مع عظم حجمها
لا يأبى الافتراش عليها.
{وَالسَّمَاءَ بِنَاءً** أي سقفاً
للأرض مرفوعاً فوقها كهيئة القبة {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً** أي مطراً
عذباً فراتاً أنزله بقدرته من السحاب {فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا
لَكُمْ** أي فأخرج بذلك المطر أنواع الثمار والفواكه والخضار غذاءً
لكم.
{فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ
تَعْلَمُونَ** أي فلا تتخذوا معه شركاء من الأصنام والبشر تشركونهم مع الله في
العبادة، وأنتم تعلمون أنها لا تَخْلُق شيئاً ولا تَرْزق، وأنَّ الله هو الخالق
الرازق وحده، ذو القوة المتين، قال ابن كثير: شرع تعالى في بيان وحدانية ألوهيته
بأنه هو المنعم على عبيده بإِخراجهم من العدم، وإِسباغه عليهم النِّعَم، والمرادُ
بالسَّماء هنا السحاب، فهو تعالى الذي أنزل المطر من السحاب في وقته عند احتياجهم
إِليه، فأخرج لهم به أنواع الزروع والثمار رزقاً لهم ولأنعامهم، ومضمونه أنه الخالق
الرازق مالكُ الدار وساكنيها ورازقهم، فبهذا يستحق أن يُعبد وحده ولا يُشرك به
غيره.
المناسبة:
بعد أن صنّف القرآن الناس إلى أقسام
ثلاثة: متقين موحدين، وجاحدين معاندين، ومنافقين مذبذبين، وبعد أن أثبت الوحدانية
والربوبية لله، ونفى الشركاء بالمنطق والبرهان، أثبت الله تعالى أن القرآن كلام
الله، وأنه نزل من عنده، بدليل أنه معجز، لم يتمكن أحد من الجن أو الإنس مجاراته
والإتيان بمثله، مع أن العرب فرسان البلاغة، وأساطين الفصاحة، ولا فخر لهم إلا
بالكلام شعراً ونثراً وخطابة، وبما أنهم عجزوا، ولم يستطيعوا الإتيان بمثل أقصر
سورة من القرآن، فقد ثبت صدق محمد صلى الله عليه وسلم فيما ادعاه من النّبوة، وما
أتى به من الرسالة الإلهية. وكان مُنْكِرُ نبوته ورسالته مستحقاً العقاب والجزاء في
نار جهنم.
إثبات نبوَّة سيدنا محمد صلى الله عليه
وسلم، وإقامة البرهان علىإعجاز القرآن
{وَإِنْ كُنتُمْ
فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ
وَادْعُوا شُهَدَاءكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(23)فَإِنْ لَمْ
تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ
وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ(24)**.
ثم ذكر
تعالى بعد أدلة التوحيد الحجة على النبوة، وأقام البرهان على إِعجاز القرآن فقال
{وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا** أي وإِذا كنتم
أيها الناسُ في شك وارتياب من صدق هذا القرآن، المعجز في بيانه، وتشريعه، ونظمه،
الذي أنزلناه على عبدنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم **فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ
مِثْلِهِ** أي فأتوا بسورةٍ واحدةٍ من مثل هذا القرآن، في البلاغة والفصاحة والبيان
{وَادْعُوا شُهَدَاءكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ** أي وادعوا أعوانكم وأنصاركم الذين
يساعدونكم على معارضة القرآن غير الله سبحانه، والمراد استعينوا بمن شتئم غيره
تعالى، قال البيضاوي: المعنى ادعوا للمعارضة من حضركم أو رجوتم معونته من إِنسكم
وجِنكم وآلهتكم غيرَ اللهِ سُبحانه وتعالى، فإِنه لا يقدر أن يأتي بمثله إِلا الله
{إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ** أي في أنه مختلق وأنه من كلام البشر، وجوابُه محذوف
دلَّ عليه ما قبله.
{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا** أي فإِن لم تقدروا على
الإِتيان بمثل سورةٍ من سوره، وعجزتم في الماضي عن الإِتيان بما يساويه أو يدانيه،
مع استعانتكم بالفصحاء والعباقرة والبلغاء {وَلَنْ تَفْعَلُوا** أي ولن تقدروا في
المستقبل أيضاً على الإِتيان بمثله، والجملةُ اعتراضيةٌ للإِشارة إِلى عجز البشر في
الحاضر والمستقبل كقوله {لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ
ظَهِيرًا** أي معيناً، قال ابن كثير: تحداهم القرآن وهم أفصح الأمم ومع هذا عجزوا،
و{لَنْ** لنفي التأبيد في المستقبل أي ولن تفعلوا ذلك أبداً، وهذه أيضاً معجزة أخرى
وهو أنه أخبر خبراً جازماً قاطعاً، غير خائفٍ ولا مشفق أنَّ هذا القرآن لا يُعارضُ
بمثله أبد الآبدين ودهر الداهرين، وكذلك وقع الأمر لم يُعارض من لدنه إِلى زماننا
هذا، ومن تدبّر القرآن وجد فيه من وجوه الإِعجاز فنوناً ظاهرة وخفية، من حيثُ اللفظ
ومن حيثُ المعنى، والقرآنُ جميعه فصيح في غاية نهايات الفصاحة والبيان عند من يعرف
كلام العرب، ويفهم تصاريف الكلام.
{فَاتَّقُوا النَّارَ** أي
فخافوا عذاب الله، واحذروا نار الجحيم التي جعلها الله جزاء المكذبين {الَّتِي
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ** أي اتقوا النار التي مادتُها التي تُشعل بها
وتُضرم لإِيقادها هي الكفار والأصنام التي عبدوها من دون الله كقوله تعالى
{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ** قال مجاهد:
حجارةٌ من كبريت أنتُن من الجيفة يعذبون بها مع النار {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ**
أي هُيّئت تلك النارُ وأُرصدت للكافرين الجاحدين، ينالون فيها ألوان العذاب
المهين.
والخلاصة: أن التحدي كان متنوعاً، مرة بالنظم
والمعنى، ومرة بالنظم دون المعنى، بافتراء شيء لا معنى له، وفي كل الأحوال ظهر
فشلهم.
وأرشدت الآية: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا...** على
ظهور العجز التام عن المعارضة، وعلى استحقاق الكافرين النار لإنكارهم نبوة النَّبي
صلى الله عليه وسلم، ولعدم تصديقهم بالقرآن، وعلى أن من اتقى النار ترك المعاندة،
وعلى أن النار حالياً مخلوقة مهيأة موجودة معدّة للعصاة والفسّاق
والكفّار.
المناسبة:
يعقد القرآن عادة مقارنات
بين الأشياء المتضادة، فلما ذكر الله جزاء الكافرين والعصاة، أردف ذلك ببيان جزاء
المؤمنين الأتقياء الأطهار، ليظهر الفرق بين الفريقين، وليكون ذلك أدعى للعبرة
والعظة، والامتثال من مقارنة الأحوال.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد فبراير 07, 2010 2:10 pm من طرف المليونير
» ليلة الدخله
الأحد فبراير 07, 2010 1:54 pm من طرف المليونير
» شهر العسل
الأحد فبراير 07, 2010 1:51 pm من طرف المليونير
» تمارين للتخلص من الكرش
الأحد فبراير 07, 2010 1:45 pm من طرف المليونير
» الاسعافات الاوليه
الأحد فبراير 07, 2010 1:33 pm من طرف المليونير
» الزوجه الميثاليه
الأحد فبراير 07, 2010 1:25 pm من طرف المليونير
» الجماع بنيه الانجاب
الأحد فبراير 07, 2010 1:23 pm من طرف المليونير
» اطالت عمليه الجماع
الأحد فبراير 07, 2010 1:19 pm من طرف المليونير
» اثارة الروح قبل الشهوه
الأحد فبراير 07, 2010 1:15 pm من طرف المليونير
» عندما تكون المرة اكثر شهوانيه من الرجل
الأحد فبراير 07, 2010 1:12 pm من طرف المليونير
» الموبايل والاطفال
الأحد فبراير 07, 2010 12:25 pm من طرف زائر
» مواعيد الخصوبه للحمل
الأحد فبراير 07, 2010 12:02 pm من طرف زائر
» اعنايه بالشعر
الأحد فبراير 07, 2010 11:44 am من طرف زائر
» طريقه جماع لطيفه
الأحد فبراير 07, 2010 11:20 am من طرف زائر
» شرين وجدو
الخميس فبراير 04, 2010 12:43 pm من طرف Admin
» حصريا ألبوم شيرين 2009 ***حبيت ***
الخميس فبراير 04, 2010 12:37 pm من طرف Admin
» http://www.m-arab.com/vb/showthread.php?t=49868
الخميس فبراير 04, 2010 11:52 am من طرف امسيه حالمه
» ألبوم لطيفة أتحدى 2
الخميس فبراير 04, 2010 11:44 am من طرف امسيه حالمه
» حصريا و بإنفراد تام : ألبوم العرب و الراب : أحسن أغاني راب عربي صدرت في 2009
الخميس فبراير 04, 2010 11:42 am من طرف امسيه حالمه
» كليب وعد عرقوب - للفنانة رائعة شذى حسون
الخميس فبراير 04, 2010 11:39 am من طرف امسيه حالمه
» بلديات حب يعاكس واحدة
الجمعة يناير 22, 2010 7:53 am من طرف اميره عمر
» ستائر حمام رهييييييييييبة0000
الجمعة يناير 22, 2010 1:54 am من طرف Admin
» روعة واناقة ملك الالوان
الجمعة يناير 22, 2010 1:52 am من طرف Admin
» ديكور رخامي
الجمعة يناير 22, 2010 1:51 am من طرف Admin
» بالعوٍن من هوٍ مگاني صار معشوٍقگ [ديكور]
الجمعة يناير 22, 2010 1:50 am من طرف Admin
» ستايل ايطالي رائع,,
الجمعة يناير 22, 2010 1:49 am من طرف Admin
» عتمةالاسود|بأضاءة|الابيض..عالم رائع من التناقض
الجمعة يناير 22, 2010 1:48 am من طرف Admin
» ديكورات حتعجب البنوتات 100 بالمية
الجمعة يناير 22, 2010 1:47 am من طرف Admin
» كوكتيل ايطالى
الجمعة يناير 22, 2010 1:46 am من طرف Admin
» تصاميم السرميك الجزءالثاني........
الجمعة يناير 22, 2010 1:45 am من طرف Admin
» Bed Room'z
الجمعة يناير 22, 2010 1:43 am من طرف Admin
» جولة مع جديد ايكيا NEW collection 2010
الجمعة يناير 22, 2010 1:42 am من طرف Admin
» اكسسوارات بخيوط الصوف
الجمعة يناير 22, 2010 1:41 am من طرف Admin